صـوت الحـق- رئيس التحرير: فراس أبو عيشة الوزني-
حجارةٌ ورُقعٌ قديمة جديدة، لِحضارةٌ عريقة، تُشاهد صمودها وتشبثها بالأرض الفلسطينية منذ ثلاثة قرون ونصف على أقل تقدير، تتمنى أن تُعيد عقارب الزمن إلى الوراء، لتعيش وتُشاهد ذاك الزمان، وتُفكر بِنفسك من أين بدأت حكاية هذا المكان الذي يلبس تاجاً وطرحةً مُقوسةً، عُرفت بِـ"القُبة"، التي تقول وتُردد من أعلى نقطةٍ في المكان "هُنا خان الفروخية".
خان الوكالة، أو خان الفروخية كما يُسميه البعض، نسبةً لحاكم نابلس الأمير فروخ باشا أمير الحج الشامي، الذي شيده في العصر المملوكي عام 1630، ليكون مقراً لتجمع الحجاج، ونزول القوافل التجارية، فأصبح بمثابة مركز رئيس للتجارة والسياحة، يأتون إليه من كل أقطاب محافظات الوطن.
وبسبب مرور القوافل من تلك المنطقة، استدعى وجود محطة استراحة للتجار، لذلك أُنشئ مبنى خان الوكالة، حيث أنَّه أٌستُخدم سابقاً كإصطبل وفندق سياحي، واستقبل فيه رؤساء بلديات ووفوداً من شعراء وأُدباء عرب وأجانب، كما احتضن قادة الثورة أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين.
ويحتوي الخان البالغ مساحته نحو 1600 متراً مربعاً، على طابق أرضي يضم 15 محلاً تجارياً مفتوحاً على السوق، و14 غرفةً داخليةً، أما الطابق الأول، فَـيحتوي على 24 غرفةً أمامها ممر معمد، وأقواس نصف دائرية، إضافةً لأعمدة مُثمنة حول الممر بالطابق العلوي لم يتبق منها إلا إثنان في الزاوية الشرقية الشمالية للممر.
ويُوضح مهندس مشروع إعادة ترميم مشروع الخان أيمن الرباع "بدأنا بِعمل دراسة لمشروع ترميم خان الوكالة عام 1998، وفي عام 2001 وُقعت اتفاقية بين بلدية نابلس والاتحاد الأوروبي لبدء الترميم، ولكنه في عام 2002 تم توقيفه، بسبب الاجتياح الإسرائيلي لمدينة نابلس".
هو المبنى الضخم في أقواسه، وتعرجاته، ومنافعه المُهدمة، وذلك بعد الزلزال المُدمر الذي شهدته فلسطين عام 1927، وتدمير أساسيات المبنى، ورغم ذلك بقي خان الوكالة يعمل بإمكانياته المتوفرة، غير أن الدمار الحقيقي لحق به في اجتياح نيسان 2002، نتيجة عمليات الاحتلال الإسرائيلي في القصف والتدمير، وأُعيد بناؤه كما كان عليه قديماً، بِمساهمة من جامعة النجاح الوطنية، وتمويل من الاتحاد الأوروبي، بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
ويُتابع "بعد قصف الطائرات الإسرائيلية لصبانتي كنعان والنابلسي، أحضرت بلدية نابلس جرافات كبيرة، وأحدثت فتحة كبيرة في أحد جدران خان الوكالة، حتى تتمكن من الدخول لإنقاذ حياة المواطنين، بعدما كانت هناك أحاديث تدور عن وجود أشخاص تحت الأنقاض، لتأتي بعدها الجرافات الإسرائيلية، وتهدم ما تبقى منه".
ورُغم ما سبق، عملت بلدية نابلس بإعادة بناء البنية التحتية للخان، باستخدام تقنيات حديثة متطورة، مما سيكون له مردود اقتصادي على البلدة القديمة، كون الخان سيشمل: 19 محلاً تجارياً داخلياً، و11 محلاً خارجيا، إضافةً إلى 10 غرف فندقية مجهزة، ومطعم من طابقين، ومعرض دائم للمؤسسات والشركات الراغبة بعرض منتجاتها الوطنية.
وأما المهندس نصير عرفات، فيؤكد أن مشروع ترميم مبنى خان الوكالة، هو من أهم المشاريع التي شهدتها المدينة، لما لهذا المبنى من تاريخ عريق، ونجاح المشروع مرتبط بالحركة السياحية الداخلية والخارجية لنابلس بشكل عام، وكذلك بطبيعة الاشتغال في داخل هذا الخان وكيفية إدارته.
ويرى إلى أن التشغيل المتنوع للفراغات الموجودة بهذا المكان يمكن أن تؤدي لنجاحه، بحيث لا يقتصر على النشاط التجاري داخل الخان على الحرفية والسياحة فقط، بل يجب أن يكون هناك نوع حرفيّ، يستهدف المتسوق المحلي والمتسوق الأجنبي على حد سواء.
ولا يوجد تقديرات رسمية لتاريخ إنشاء خان الوكالة كما يُشير عرفات، كون الحجر الوحيد الذي يؤرخ تاريخها مفقوداً، ولا علم لأحد كيف وأين فقد، لذلك يبقى تاريخ إنشاء هذه الوكالة محط شك ومجرد أقاويل، هذا المبنى تملكته بلدية نابلس عام 1996، وبدأت بعملية ترميمه بمشاركة من اليونسكو وجامعة النجاح الوطنية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ضع تعليقاً مُناسباً